Saturday, January 3, 2015

المومياء.. خلود الموتى تأصيل الأحياء


المومياء...... خلود الموتى تأصيل الأحياء
المخرج الذي شغله المستقبل فنظر له من نافذة علي الماضي

كتبت: رشا حسني

التساؤل

الموتى ! هل هذا عيشُنا؟ .... بهذا التساؤل يُلخص شادي عبد السلام حيرة وتردد بطله ونيس ذلك الشاب الذي شاء القدر أن يتكشف أمامه سر والده بعد أن واراه الثري بساعات قليلة ولم يكن سر والده فقط بل أعمامه أيضاً وقبيلة الحُربات كلها، ذاك السر الذي علق عليه ونيس بأن العلم به ذنب والجهل به ذنباً أكبر، ونيس الذي إعتبره الكثيرون هاملت المصري فقد برع شادي من ضمن ما برع في هذا الفيلم في نحت شخصية وملامح ونيس النفسية والروحية قبل ملامحه الشكلية الظاهرية، يكتشف ونيس فجأة أنه وقبيلته يحيون منذ سنين طويلة علي إنتهاك حرمات الأجداد الموتى وإنتهاك حرمة الموت قبل حُرماتهم، فيهيم ونيس علي وجهه متردداً مُتثاقل الخطوات أحياناً سريع الخطوات في أحيانٍ أخري في حين إتخذه أخوه قراره بشكل أسرع فقرر أن يُغادر القرية كلها رافضاً ما يفعله أعمامه فيقومون بقتله وإلقاء جثته في نهر النيل ليظل السر الأليم حبيس صدر ونيس لا يدري ما يفعل به أو بأعمامه وقبيلته.


بناء القصة

بني شادي عبد السلام قوام فيلمه علي واقعة حقيقية حدثت بالفعل لعائلة عبد الرسول بقرية شيخ عبد القرنة والتي تكشف أمرها عام 1881 ولكنها كانت قد عثرت علي المقبرة التي عُرفت إصطلاحاً بعد ذلك في الوسط الأثري والتاريخي بخبيئة الدير البحري في عام 1871 أي قبل عشرة أعوام كاملة من الكشف العلني للخبيئة. عشرة أعوام كاملة تقوم تلك العائلة بسرقة وإنتهاك التاريخ وبيعه بأثمانٍ هي أقل بكثير من قيمة حبة رمل داخل تلك الخبيئة، حتى حدث خلاف مالي بين أفراد العائلة فقرر محمد أحمد عبد الرسول فضح عائلته والإبلاغ عنها وكشف ما هو مستور فقام بإبلاغ السلطات بقنا وتم كشف الخبيئة رسمياً 15 سبتمبر عام 1881. 

لم يُظهر شادي تفاصيل القصة الحقيقية كما حدثت فكيف يفعل وهي بها الكثير لا يتفق لا مع رؤيته ولا مع طرحه فقرر إعادة صياغة ما حدث درامياً من وجهة نظره وله كل الحق الفني في هذا، فجعل ونيس نبيلاً قادته حيرته بين حرصه علي سمعة قبيلته وعلي مصيرها وأيضاً حرصه المُبهم له علي الموتى وإحساسه في أعماقه بأن ما يفعله أعمامه جريمة تلك الحيرة التي جعلته يُقدم علي إخبار الأفندي الأثري الأتي من القاهرة علي غير موعده بسره مهما تكن العواقب، فإظهار ونيس بعكس تلك الصورة النبيلة لم تكن لتحقق لشادي ما أراد من تأصيل الحاضر علي الماضي حتى وإن كان ذلك يتم بشكل لا إرادي. لم يُظهر شادي من جانب الأثريين القائمين علي نقل المومياوات ومحتويات الخبيئة سوي الطاقم المصري فقط تحت إشراف أول أثري مصري أحمد باشا كمال وهو أيضا ما لم يحدث في الحقيقة بل العكس ما حدث فلقد كان الفريق المشرف معظمه من الأجانب منهم علي سبيل المثال العالم الألماني إميل بروجش فلم يكن أحمد باشا كمال حينها سوي أثري مُعاون لهؤلاء العلماء الأجانب يرافقهم ليتعلم منهم ويكتسب خبراتهم، ولكن شادي قرر منذ البداية أن ينهض المصري نفسه وبنفسه مُقرراُ خلوده حتى بعد موته فمن وجهة نظر شادي لم يفن سوي من لم يترك له أثراً يتعلم منه من يجئ بعده من أجيال ليشيدوا علي أطلاله حتى فصول من حضارتهم فتتلخص القصة فيما فعله كلاً من ونيس والأفندي أحمد باشا كمال والضابط. كانت فكرة التأكيد والتأصيل للهوية المصرية هي ما تشغل فكر شادي عبد السلام في تلك الفترة فهو لم يصنع المومياء لسرد حكاية خبيئة الدير البحري بصرياً ولكنه إتخذ منها فقط مُدخلاً لطرح رؤاه.


السرد البصري

ترجع خصوصية فيلم المومياء لخصوصية إستخدام شادي عبد السلام لكافة العناصر السينمائية المعتادة والمُتعارف عليها بشكل غير إعتيادي وغير مسبوق، لذلك جاء فيلم المومياء وليداً سينمائياً غريباً ليس فقط علي الجمهور بل علي السينمائيين أنفسهم. وظف شادي عبد السلام كل العناصر السينمائية ( الديكور-المونتاج –التصوير-الإضاءة- حركة الكاميرا- حركة الممثلين) بشكل يخدم موضوع فيلمه ويتفق مع رؤيته وطرحه لها من خلال الفيلم، حركة الكاميرا البطيئة هي في الواقع ليست بطيئة ولكنها تأملية تربط المُشاهد بالمكان وبالكلمة وبالحدث وبالحركة داخل الكادر تجعله لا شعوريا مرتبطاً بها محاولاً فهمها وإستيعابها.

 فيلم المومياء من الأفلام القليلة أو حقاً النادرة في تاريخ السينما المصرية التي تخلق حالة جدل وتساؤل داخلي عقلي ووجداني فهو فيلماً مُحرضاً علي التفكير طوال أحداثه لذا فهو لا يُريد جمهوراً دأب علي مُشاهدة الأفلام العادية بحركة الكاميرا العادية بالمونتاج القطعي السريع بتبرير السيناريو لأفعال الأبطال بإلقاء الممثلين جملهم برتابة وتكرار معتمدين علي حرفيتهم لا إحساسهم.


 ففي فيلم المومياء ظهرت الفنانة نادية لطفي في عدة مشاهد لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة ولكن تلك المشاهد هي التي خلدت وستُخلد موهبة نادية لطفي التمثيلية للأبد فلقد عبرت من خلال عيونها وفقط - فلم تنطق بجملة حوار واحدة في مشاهدها – بما لم تعبر عنه من قبل من خلال سيناريوهات كاملة وأفلام قامت بطولتها من أول مشهد بالفيلم وحتى أخر مشهد به، وهو ما دفع الناقد الكبير الراحل سامي السلاموني أن يكتب عنها "بأن ما مثلته في الفيلم هو أفضل ما مثلته نادية لطفي ربما في عملها السينمائي كله.. فقد قالت بعينيها العميقتين أشياء كثيرة دون أن تنطق حرفاً واحداً في دورها كلها لذي لم يستغرق أكثر من ست لقطات.. ومع ذلك فرضت شخصيتها علي الفيلم كله كنفحة جمال رطبة مرت سريعاً في الفيلم الخانق ومثلت حلماً عابراً لونيس لم يكد يُمسك به في ذروة مأساته حتى أفلت مثل كل شئ من بين يديه".


تخير شادي عبد السلام الأماكن الحقيقية للواقعة الحقيقية ولكن عندما يراها المُشاهد يتولد لديه إحساس بأن ما يراه هو شئ غير واقعي وهو ما أراده شادي أراد تجريد الواقع فأعتمد علي لغة عربية يصفها أنسي أبو سيف بأنها ليست فُصحي صرف ولكنها لغة عربية سليمة فلم يكن من المُمكن أن يتحدث أبطال المومياء لغة عامية حتى وإن كانت راقية فلو حدث هذا كان الفيلم سيفقد كثيراً من تأثيره والأهم من روحه، فروح المومياء والتي تبدو ملحمية لم تكن لتتفق سوي مع عناصر سينمائية تم توظيفها لخدمة العمل الفني لا الواقع وأصل الحكاية، فلم نر بيتاً عادياً ذا أثاث عادي كأي بيت في أية قرية في صعيد مصر ولم نر مظهر واحد من مظاهر الحياة اليومية بالفيلم كل ما رأيناه بالفيلم هو ما أراد شادي أن يُرينا إياه وهو كل شئ له علاقة بالفكرة ويخدم الموضوع ورؤيته في طرحه كتخيره لوحدة الملابس فملابس نساء القرية السوداء تختلف عن ملابس المومستين والتي من بينهما نادية لطفي مع التدقيق الشديد في إضافة بعض الألوان البسيطة علي ردائها وبعض الإكسسوارات التي زينت ملابسها وهو ما لم نراه في ملابس بقية النساء، أيضاً زى العمين هو واحد بنفس طبقاته وألوانه، زى الأفندية ذات اللون الأبيض. إعتمد شادي علي تحديد حركة الممثلين داخل المشاهد وفي هذا توافقاً شديداً مع روح الفيلم ككل فحوار المومياء يعتبر في الأصل هو حوار داخلي داخل نفس كل شخصية خاص بها وقليلة هي الحوارات الطويلة بين شخصيات الفيلم لذ لم تكن أيضاً حركة الممثلين سوي في حدود ضيقة خصوصاً في المشاهد الداخلية ولقد إتسم بعضها بالحركة المسرحية كحركة زوزو حمدي الحكيم في مشهدها مع إبنها ( أحمد حجازي).


تصل بعض تكوينات شادي عبد السلام البصرية في فيلم المومياء إلي حد التابلوهات الفنية الحية كتكوين ونيس وهو يتسمع لحوار أخاه مع والدته واقفاً علي سلالم تشبه كثيراً سلالم مقابر وادي الملوك خلفه في عمق المشهد ضوء ربما يعبر عن إقتناع ونيس بما يقوله وقرره أخوه وربما هو إرهاصة لما سيفعله في أخر الفيلم ويخلصه من حيرته وسبب عذابه، أيضاً مشهد زيارة ونيس لقبر والده في المساء وصولاً لتكوينات أخر مشهد بالفيلم والذي تم تصويره علي مدار 40 يوماً لتخير الساعة التي تسبق الشروق وللحفاظ علي وحدة وتدرج اللوان داخل المشهد وهو مشهد خط سير موكب المومياوات وصولاً به إلي مركب الأفندية وإصرار شادي عبد السلام علي تصوير ذلك المشهد في تلك الساعة التي تسبق الشروق مباشرة كي يؤكد علي أهمية لحظة لحظة الشروق وما تحمله من دلالات علي بعث الموتي من جديد ثم مرور الموكب علي صروح المعابد الشاهقة وكأنها تنظر في عزة لبعث من أمروا بتشيدها ثم مرافقة النساء للموكب في تكتلات وكأنهن نائحات الأساطير المصرية القديمة قد بُعثن من جديد هن أيضاً ويقف بعض الرجال ليُقدموا التحية التي تبدو لو أنها للضابط ولكنها في الصل لم تكن سوي لموتاهم الذين يفارقونهم ويفارقون أرضهم بعد ألاف السنين.



مارتن سكورسيزي يبعث المومياء من جديد

أحيا المخرج العالمي مارتن سكورسيزي فيلم المومياء بل وأعطي له قبلة الحياة من خلال قيام مؤسسة سينما العالم تلك المؤسسة السينمائية التي يُشرف عليها بترميم النسخة الأصلية لفيلم المومياء وإعادة تصحيح ألوانها وكان ذلك عام 2009 وهو نفس العام الذي تم فيه إختيار مهرجان كان للفيلم المومياء لعرضه ضمن إحتفالية كلاسيكيات كان وليس هذا غريباً علي فيلم المومياء ولا علي قيمة وقامة شادي عبد السلام الفنية والفكرية والثقافية وبالطبع السينمائية، فما أضافه شادي عبد السلام للفن وللوطن وللمواطن المصري من خلال تجربته الروائية الطويلة الوحيدة  لا يمكن أن ينكره سوي جاحد، فيكفي أن فيلم المومياء هو الفيلم المصري الوحيد المعروف والمشهور عالمياً فحينما يتم ذكر مصر في أي محفل سينمائي دولي أو يقع الإختيار علي تكريم أو حتى الإشادة بالسينما المصرية لا يُذكر سوي فيلم المومياء ... المومياء وفقط ، وهو بالطبع ما أراده شادي بالفعل ليس لشخصه فقط بل لوطنه ولشعب وطنه أراد لهم الخلود بعد بعث الموت أراد للمصري أن يحرص علي أن يظل مُحافظاً علي هويته المُستمدة من جذوره المُستشرفة لمستقبله ولا يسعنا في كل مرة نتذكر فيها شادي عبد السلام سوي تذكر الكلمات التي إختتم بها شريطه السينمائي الفريد "المومياء" :

إنهض فلن تفني
لقد نوديت بإسمك
لقد بُعثت

نور الشريف في سينما عاطف الطيب





نور الشريف في سينما عاطف الطيب
كتبت: رشا حسني

التلاقي والتوأمة
بدأت علاقة النجم نور الشريف بالمخرج العبقري الراحل عاطف الطيب بمفارقة، المفارقة التي جعلت عرض ثاني أعمالهم سوياً وهو الفيلم الأهم في مسيرة كل من اشترك به بل هو من أهم 10 أفلام في تاريخ السينما المصرية دائماً وأبداً وعلي الإطلاق "سواق الأتوبيس" تسبق عرض العمل الأول لهما معاً والعمل الأول للمخرج عاطف الطيب وهو فيلم "الغيرة القاتلة"، ثم استمرت العلاقة بينها حتي الوفاة المفاجئة والصادمة للمخرج عاطف الطيب عام 1995 بعد التعاون الأخير بينهما  فيلم "ليلة ساخنة". لم تكن أبداً العلاقة بين نور الشريف وعاطف الطيب هي علاقة الفنان أو الممثل بالمخرج بما يمكن أن تتضمنه تلك العلاقة من روتينية في التعامل، فما أنتجته تلك العلاقة وذلك التعامل من إبداع وفن يصل كثير منه إلي حد الإستثنائي لا ينم أبداً علي أي نوع من أنواع الروتينية أو الاعتيادية في التعامل حتي ولو بالقدر البسيط.

كون نور الشريف مع عاطف الطيب توأمة فنية وإبداعية من نوع خاص كان قوامها الأساسي ليس فقط التفاهم والتناغم الفكري والثقافي ولكن الأهم هو الهم الواحد، فقد جمعهما سوياً نفس الهم الإنساني الذي كان أقوي دافعاً ومحفزاً إبداعياً لإنتاج أعمال فنية خالدة خلود السينما كان أهمها علي الإطلاق "سواق الأتوبيس ".
نال نور الشريف نصيب الأسد من مجمل أعمال الراحل عاطف الطيب فمن بين 21 فيلماً فقط تركها عاطف الطيب كان لنور الشريف منها 9 أعمال جاءت كالتالي:
1-    الغيرة القاتلة 1982
2-   سواق الأتوبيس 1983
3-   الزمار 1985
4-   ضربة معلم 1987
5-   كتيبة الإعدام 1989
6-   قلب الليل 1989
7-   ناجي العلي 1992
8-   دماء علي الأسفلت 1992
9-   ليلة ساخنة 1996

بداية غير مبشرة
جاءت بداية الثنائي غير مبشرة علي الإطلاق لم يشفع لها شيئاً سوي أنها عُرضت بعد عرض عملهما الأهم والأكمل "سواق الأتوبيس"، فالفيلم ملئ بالنواقص والهفوات الفنية خاصة علي صعيد السيناريو. أراد كلاً من عاطف الطيب والسيناريست وصفي درويش تقديم معالجة عصرية لعطيل شكسبير ولكنها في حقيقة الأمر خرجت معالجة ساذجة لعطيل شكسبير.

سيناريو الفيلم يحفل بأسئلة كثيرة ليست لا إجابات لها أو تأتي أحياناً الإجابات فير غير مواقعها وهو أمراً غير محمود علي الإطلاق، فلا يُظهر لنا السيناريو بشكل واضح طبيعة عمل نور الشريف ولماذا ترك عمله وما هي طبيعة المناقصة أو المشروع الذي أقدم عليه بل والأهم وهو ما يُعد في صُلب المعالجة الدرامية ما أسباب وخلفيات هذا الكره البين من مخلص يحي الفخراني لرفيق طفولته وصباه وشبابه نور الشريف في الفيلم رغم ما جمعهم من حب وصداقة منذ الطفولة وحتى الشباب وهو السبب الأدعي لتقويض السيناريو بأكمله حيث تقوم معالجة السيناريست وصفي درويش علي الخيانة ولكنها هنا ليست خيانة ديدمونة لعطيل ولكنها خيانة الصديق لصديقه في حين تأتي محاولة إقناع الفخراني بخيانة دينا التي قامت بدورها نورا لنور الشريف علي هامش أحداث الفيلم فقط لكي تتم من خلال مشهد اكتشاف نور الشريف لزوجته حقيقة صديقه ورفيق عمره مخلص في مشهد يشوبه الكثير من المباشرة والغير معقولية ناهيك عن نهايته حين سمح نور الشريف لصديقه بأن يمض في طريقه وكأن شيئاً لم يكن.

مساحة دور نور الشريف بالفيلم كبيرة فهو بطل العمل لكن هذا الكبر لم يعط لموهبة نور الشريف جديداً ولم يزد علي أدائه كثيراً نظراً لتقليدية بناء الكثير من مشاهد الفيلم مما لم يعط له مساحات تمثيلية واسعة تسمح لموهبته التمثيلية بالانطلاق.

يعتب فيلم الغيرة القاتلة هو أكثر أفلام المخرج الراحل عاطف الطيب بُعداً عن مشروعه وهمه الذي جمعه بالنجم نور الشريف، مشوار الحلم بحياة أفضل بمجتمع أفضل بحياة أفضل لبسطاء هذا الوطن الحلم بوطن خال من الفساد من القهر من الذل من الظلم ولكن سرعان ما يُعيد عاطف الطيب توجيه بوصلته تجاه همه وحلمه ومشروعه ليلتقي الثنائي ثانية في رائعتهما "سواق الأتوبيس".




البداية الحقيقية
يعتبر فيلم "سواق الأتوبيس" كما ذكرت سابقاً هو الفيلم الأهم في تاريخ كل من شاركوا فيه ولكن ليس هذا وفقط ولكنه يعتبر أيضاً الفيلم الحدث، حدثاً لأنه أعلن ميلاد مخرجاً سيغير من شكل السينما المصرية وتوجهاتها فيما بعد وأعلن أيضاً ميلاد سينما جديدة ليست الواقعية فلقد ظهرت الواقعية من قبل سواق الأتوبيس من خلال فيلم ضربة شمس للمخرج محمد خان ولكنها سينما عاطف الطيب ويمكن أن نطلق عليها من الأسماء ما نشاء وهي سينما قادرة للتعبير عن كل ما توصف به من ألقاب أو صفات.

أعاد "سواق الأتوبيس" الألق لمخرجه الذي لم تكن تجربته الأولي مبشرة وأضاف كثيراً من الألق علي النجم نور الشريف من خلال أفضل أداء سينمائي له علي مدار مشواره الفني والذي نال عنه جائزة التمثيل بمهرجان نيودلهي السينمائي الدولي ليكون أول ممثل مصري ينال جائزة دولية.
أتاح سيناريو بشير الديك في أعظم ما كتب وبتوجيه مرهف ودقيق من عاطف الطيب للفنان نور الشريف تقديم أداءاً تمثيلياً به خلاصة مفهوم التعايش بل والتقمص التام للشخصية ليتنح نور الشريف جانباً تماماً ويظل فقط حسن سلطان فتختفي الحدود بين الممثل والشخصية وتبقي فقط الشخصية التي يؤديها الممثل.

فمن المعتاد أن لكل ممثل بعض من لزماته الأدائية والتي يقع كثير من الممثلين في خطأ الاستسلام لها سواء كانت تلائم ما يقدمونه أو لا ولا يستثن من هذه سوي عدد قليل جداً من الممثلين والممثلات ربما يسهُل عده علي أصابع اليد الواحدة وقد فعل الفنان نور الشريف نفسه هذا في بعض أفلامه ولكن من خلال "سواق الأتوبيس" لا يُشبه أداء نور الشريف أدائه في أي من أدواره الأخري ولا حتي من خلال لزمة بسيطة فكل إيماءة وكل لفتة محسوبة بدقة وعناية شديدتين.

استوعب نور الشريف حسن سلطان داخله بل سكنه تماما فاتسق أدائه مع كل مرحلة لبطل العمل من خلال رحلته لمحاولة إنقاذ ورشة أبيه من الضياع من لهث ثم بطئ ثم بارقة أمل ثم وفاة الأب ثم مرحلة المواجهة والثورة علي النفس أولا ثم اتخاذ قرار بعدم الصمت والاكتفاء بالمشاهدة مع صرخة النهاية "يا ولاد الكلب"، ففي كل هذه المراحل يعبر نور الشريف عن أدق تفاصيل حسن وما يشعر به حسن وما يدور بداخله من خلال الأداء المناسب لكل موقف وجملة وتفصيلة. في مشهده مع ميرفت أمين وهي تحاول تهديده بالطلاق إذا ما باع التاكسي ورد فعل حسن عليها من خلال نظرة بسيطة عابرة لا تتعد ثواني تسبق كلمة الطلاق أو في مشهده مع والده الفنان الراحل عماد حمدي داخل الورشة وهو يرثيها ويرثي ماضيه من خلالها وكيفية استقباله لكلمات والده التي تنطلق لصدره في وقع أقوي من وقع طلقات وقذائف العدو الذي واجهه من خلال مشاركته بحرب أكتوبر، تلك الغصة التي غطت ملامحه تارة مع محاولة فاشلة لتنحيتها جانباً لإعطاء والده أملاً زائفاً بأنه لن يفقد الورشة بل وأنه سيُعيد أمجاده ثانية من خلال ورشته وأن كل شئ سيعود كما كان وأفضل ثم مشهده تحت سفح الأهرامات ومقابلته لشلة القروانة والتي كان صوته فيها يحمل رثاءاً شديد الوطأة علي ما قدموه من تضحيات وما لاقوه من إنكار ومجافاة بل وقهر في مجتمع الانفتاح والاستهلاك.





الزمار و ضربة معلم
تناول الطيب ما يؤرقه من ظلم وقهر للأفكار قبل البشر من خلال الزمار ولكن في سياق  شاعري بعض الشئ ساهم في فرض هذا الطابع الشاعري علي الفيلم كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدي.

الفيلم عن مسرحية هبوط أورفيوس للكاتب تينسي ويليامز وسيناريو رفيق الصبان وعبد الرحيم منصور، الفيلم يتناول قصة الشاب الطالب بكلية الهندسة والذي يقدم مسرحية تجعله مُضطهداً ومُطارداً من قبل السلطة، الفيلم هو محاولة أخري من عاطف الطيب ونور الشريف لفضح الفساد أولاً ثم  الثورة عليه ولكن لم يأخذ هذا الفيلم ربما هو وفيلم "ضربة معلم" التعاون الثاني لعاطف الطيب وبشير الديك بعد "سواق الأتوبيس" ما أخذه باقي أعمال الثلاثي الطيب والشريف والديك نظراً لسذاجة نهايات الزمار وضربة معلم فيموت بطل الزمار المناهض للفساد والظلم كما لو كان الفيلم يعلن بما لا يدع مجالاً للشك بأن الموت هو نهاية الشرفاء ليظل الفاسدين علي قيد الحياة ينعمون بملذاتها في حين يستلهم الطيب روح سواق الأتوبيس في ضربة معلم ولكنها الروح وفقط.

في حين تأتي نهاية ضربة معلم بالعديد من الثغرات البديهية التي لا تغتفر لكاتب متمكن مثل بشير الديك ولكنه ما شفع له هو تدفق أحداث الفيلم وحسن بناء مشاهده ومواقفه وردود أفعال شخصياته وحُسن بنائها أيضاً طوال أحداث الفيلم.

بات من المُعتاد والبديهي أن يختلف أداء نور الشريف مع عاطف الطيب، فالطيب يستطيع أن يُخرج أفضل ما داخل نور الشريف إلي جانب موهبته الفريدة في إدارة ممثليه ولكن في هذين الفيلمين تحديداً قد أدي نور الشريف أداءاً جيداً جداً ولكنه لم يصل أبداً لألق "سواق الأتوبيس".


كتيبة الإعدام
الفيلم قائم بالأساس علي التيمة الأثيرة لأغلب أفلام السينما وهي تيمة الإنتقام ولكن أراد لها عاطف الطيب أن تأخذ منحي قومي وطني قام بصياغته درامياً المؤلف التلفزيوني الأشهر أسامة أنور عكاشة في أولي تجاربه السينمائية  والذي وضح جلياً إتفاق رؤاه السياسية والإجتماعية مع رؤي وأفكار عاطف الطيب ولكن وبالرغم من هذا الاتفاق فلم نخرج من الفيلم سوي بهذا الاتفاق مع التحفظ علي كثير مما جاء به، فسيناريو الفيلم مكتظ بالكثير من الثغرات الدرامية بداية من بداية الفيلم واعتماد الفيلم علي سرقة مرتبات الجيش الثالث أثناء حصار السويس فأي جيش هذا الذي سيقبض مرتباته في أرض تعتبر ساحة معارك مُحتملة مروراً بحلول ساذجة للعديد من المواقف الدرامية مثلاً كالطريقة التي وجد بها نور الشريف بها زوجته وابنه من خلال مجلة ملقاة علي منضدة بشقة معالي زايد ويا لها من مصادفة.
من الواضح أن اتفاق الرؤى بين الطيب وعكاشة هو فقط الدافع الوحيد لتقديم هذا الفيلم وبالرغم مما يطرحه الفيلم من هموم الطيب كمقاومة الفساد وعدم الاستسلام له ومناهضته بل ووصل به المر في هذا الفيلم لتحقيق العدل والانتقام دون انتظار حكم القضاء أو العدالة إلا أن كل هذا لم يكن مغلفاً بعناصر درامية قوية وكافية لصنع عمل سينمائي جيد ومتماسك كعادة أعمال الطيب ولكنه كان محاولة أخري من محاولات الطيب كصرخة في وجه الفساد والانفتاح والخيانة.

 أدي نور الشريف في كتيبة الإعدام أداءاً في حدود دوره المكتوب الذي لا يحتمل الكثير من الإبداع والتوهج فالشخصية أحادية الأبعاد واضحة ملامحها منذ المشهد الأول وحتي المشهد الأخير.


اللقاء الفلسفي
تأخذ العلاقة الفنية بين عاطف الطيب ونور الشريف منحي مختلف تماماً من خلال تجربة فيلم "قلب الليل" المأخوذ عن رواية لأديب نوبل نجيب محفوظ تحمل نفس الاسم قام بصياغتها سينمائياً الراحل محسن زايد والمعروف عنه ميوله لتقديم الأعمال ذات البعاد الميتافيزيقية والبحث الدائم عن أصل الأشياء ومآلها.

استطاع نور الشريف من خلال قلب الليل وبمنتهي الحرفية أن يتنقل بين مراحل جعفر الراوي منذ الصبا والشباب والعيش في كنف الجد الراوي الكبير ثم مرحلة مروانة وصدامه مع جده ثم طرده ليتصعلك مع صديقه شكرون ولكنه لازال محتفظاً بكثير من أصله وأصولياته التي تجعل سيدة المجتمع هدي صديق تعجب به وتتزوجه.

تميز نور الشريف بشكل واضح في تلك المشاهد التي يعبر فيع عن ذلك المثقف المدعي الذي لا يعلم أنه مدعي بل هو مقتنع تماماً بما يقول ويؤلف وخاصة في مشهد النهاية وهو يسير هاذياً في الشوارع وقد كساه الشيب ولكنه يظل مردداً نظرياته الواهية وكلامه الذي ربما لا يفهمه هو.

اختلف جعفر الراوي روائيا عنه سينمائياً فلقد أظهرت النسخة السينمائية جعفر مدعياُ للثقافة فقط يريد له مريدين ومتابعين كما لسعد الكبير الذي يقتله لمجرد انه اختلف مع النظرية التي ألفها.

تحويل رواية قلب الليل بالذات إلي نص سينمائي هو أمر ليس هيناً علي الإطلاق فمن السهل كتابة كلمات وحوارات داخلية وخارجية تتناول مخاوف وهواجس الشخصية الأساسية أو بطل العمل جعفر الراوي ولكن من الصعب جداً تحويل تلك الحوارات الفلسفية ذات المستوي الفكري والعقلي المرتفع بعض الشئ إلي سينما بلغة المشاهد واللقطات ولكن ما فعله عاطف الطيب في هذا الفيلم هو إنجاز سينمائي بكافة المستويات.

أزمة ناجي العلي
أثار فيلم ناجي العلي وابلاً من موجات الغضب والنقد وحملات الهجوم الشرس من قبل صحيفة قومية شهيرة قد كُرست بالكامل للهجوم علي نور الشريف وعاطف الطيب إلي حد اتهامهم بالخيانة حتي قبل عرض الفيلم فقط بمجرد العلم بأن عاطف الطيب ونور الشريف يشرعان لتقديم شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي من خلال فيلم سينمائي.

ناجي العلي الذي كان يحمل هماً عربياً وليس فلسطينياً فقط ذلك العاشق الحالم الذي يحلم بوطن عربي مختلف خالياً من الخيانة والأهم خالياً من التقاعس فكان يريده وطناً عرباً واحداً إذا تداعي عضواً به تداعت له سائر الأعضاء.

لم يعتبر ناجي العلي أحداً كبيراً علي النقد أو الانتقاد سواء كان رئيساً أو زعيماً عربياً أو عالمياً وهو ما خلق له الأزمة والعداء مع الكثيرين.

واجه نور الشريف من خلال أدائه لشخصية ناجي العلي كثير من التحديات علي مستوي الأداء التمثيلي ومحاولة إجادة اللهجة إلي محاولة الوصول لروح ذلك المناضل الحر مروراً بمواجهة تلك الحملات الشرسة لإفشال الفيلم ومنعه قبل صنعه ولكنه نجح في التغلب علي معظمها.



دماء علي الأسفلت
يدق عاطف الطيب عدة نواقيس للخطر من خلال هذا الفيلم ناقوس التفكك الأسري الغير مُبرر وناقوس المخدرات وهو الأهم من خلال عائلة نور الحسن حسن حسني بعد أن يُتهم بتلقي رشوة مقابل سرقة ملف قضية من القضايا التي يتولى حفظها ليتضح في أخر الفيلم بعد الرحلة التي يخوضها ثناء الابن الكبر لنور الحسن والذي يقوم بدوره نور الشريف في محاولة الكشف عن ملابسات تلك التهمة ليجد ما هو أسوأ من تهمة الرشوة ليجد أخنه فتاة ليل وأخوه مدمن وسارق.

يتناول الفيلم تلك التغيرات الجذرية التي طرأت علي مجتمع الطبقة الوسطي أكثر شرائح المجتمع تماسكاً وصلابة فلقد قال المجاهد عبد النديم أن الطبقة الوسطي هي قوام المجتمع إذا صلُحت صلُح المجتمع وإذا فسدت أو تهاوت تهاوي المجتمع وهو بالفعل ما حدث لمجتمعنا المصري منذ بداية السبعينات خاصة بعد سياسة الانفتاح الاستهلاكي ثم اختراق تلك الطبقة المتماسكة بكل ما شارك في تفككها وتهاويها وكانت أبرز تلك الظواهر ظاهرة انتشار المخدرات بين شباب تلك الطبقة.

يرصد الفيلم محنة الأب الذي توقف عن مراقبة أبنائه واستسلم لكل ما يقولونه لمجرد أنهم يدرون دخلاً مادياً له وللأسرة فحين غاب دور الأب غابت معه العديد من القيم والمفاهيم، الأب عماد أسرة الطبقة الوسطي القائد والقدوة.

فيما يُلقي الفيلم الضوء ولو بشكل عابر علي تجارة الأعضاء ولنا أن نتوقع ما يُمكن أن يحدث في مجتمع يتاجر أطبائه في أعضاء مرضاه.

لم يهتم عاطف الطيب في دماء علي الأسفلت ثاني تعاون له مع المؤلف التلفزيوني أسامة أنور عكاشة بجماليات الإخراج قدر ما أهتم بتأثير كل كادر ووقعه علي المشاهد فأراده حاملاً لأكبر قدر من الصدمة الشعورية وهو ما اهتم به نور الشريف أيضاً وأصبغه علي أدائه لدور الدكتور ثناء فأجاد التعبير عن مراحل الدور بداية من الاندهاش بما يجري حوله ثم محاولة ربط خيوط الأسرة وما حدث بها من تفكك وبين حادث والده ثم ذهوله مثلاً في مشاهده خاصة مع أخته حنان شوقي.


وقد أُسدل الستار بليلة ساخنة
ليلة ساخنة هو عودة قوية لذلك الألق لكلا الثنائي عاطف الطيب ونور الشريف ليختتم الطيب مسيرته الفعلية برائعة أخري يستلهم من خلالها روح "سواق الأتوبيس"، فالفيلم صرخة مدوية من عاطف الطيب ونور الشريف ورفيق الصبان كاتب سيناريو الفيلم في وجه القاهرة وما تحمله بين طياته من ظلم وقهر وفقر وفساد وغلب. استطاع الفيلم من خلال ليلة واحدة فقط هي ليلة رأس السنة رصد تلك المفارقات والفروقات التي تحتضنها القاهرة ولا يراها من لم يحتك بالكثير منها احتكاكا قوياً ومباشراً وحقيقاً.

يتحدث الطيب عن عالم يجبر مواطن ومواطنة لا أمل لهم في الحياة سوي تدبير نفقات تنكيس منزل لبلبة ومصروفات علاج والدة زوجة نور الشريف المتوفاة في المستشفي علي الاضطرار لإخفاء مبلغ من المال تحت عربة نور الشريف كان أراد إرجاعه للشرطة ولكن قابلته الشرطة بتحقيق وإهانات كما لو كان هو من سرق النقود.

يتحدث الطيب عن مجتمع لا يعامل أبنائه البسطاء بأدنى حد من الآدمية فلا يحترم لا حقهم في الحياة الكريمة ولا حقهم في التعليم الجيد أو الرعاية الصحية، فنجد شباب جامعي يقف علي جنبات الفنادق الخمس نجوم ليقوموا بعمل "المنادي" ليعتمد كلاً منهم علي بقشيش قد يعطيه له تاجر مخدرات أو سلاح في ليلة مثل ليلة رأس السنة.

مفارقة هذا الفيلم في قيام نور الشريف بدور سائق أيضاً كما في فيلمه "سواق الأتوبيس" مع عاطف الطيب أيضاً ولكن وبالرغم من ذلك فسائق "سواق الأتوبيس" يختلف تماما عن سائق "ليلة ساخنة" بما لكل منهما من معطيات وظروف.

استطاع الطيب من خلال هذا الفيلم تجسيد مدي قهر القاهرة لأبنائها البسطاء من خلال لقطات معبرة ومُكثفة للمشاعر كمشاهد إلقاء النقود علي راقصات الفنادق في حين يتعذر علي سيد وحورية جمع مبالغ مالية هزيلة لكنها تكاد تصل بالنسبة لهم حدود قمة افرست في صعوبة الوصول لها لكي يتمكنوا من عيش حياة أقرب للحياة الآدمية.

قدم الراحل رفيق الصبان من خلال سيناريو ليلة ساخنة مواقف درامية استطاع من خلالها الطيب خلق معادل بصري قوي جداً ومُعبراُ عن مدي معاناة أبطاله.

عاد نور الشريف من خلال تلك الليلة الساخنة والمليئة بالأحداث للانصهار التام داخل الشخصية فيبدو وكأنه لا يُمثل، فأجمل أدوار نور الشريف تلك التي نحي فيها صنعته وحرفيته جانباً كي يكون الشخصية فقط الشخصية فيما بدا من خلال مشاهد عديدة بالفيلم علي مدار الفيلم بكامل تحولات شخصية سيد فنري تعبيرات وجهه المعبرة جداً حينما رأي الممرضة العابثة سلوي عثمان وهي ترقص مع زميلاتها في نبطشية المستشفي المسائية تعبيرات بسيطة ولكنها معبرة كما في تعبيرات وجهه حينما عرضت عليه لبلبة مساعدتها لاسترداد ما سرق منها ومدي تردده في البداية ثم موافقته انتهاءاً بتعبيرات وجهه في مشهد النهاية حينما نظر إلي لبلبة نظرة حانية ومعبرة عن مدي القهر والانكسار الذي لا يستحقه لا هو ولا هي ونظرتها له بأن لا تقلق وبأنها ستتولى عملية حماته وفقط تريد منه أن يهتم لنفسه ليعود سيد داخل القسم وتمضي حورية في طريقها وبداخل كلاً منهما أملاً في حياة مختلفة حتي وان كانت عن طريق غير شرعي فقد أعطت لهم السلطات ذريعة قوية لجعل المال مالً حلالاً وليريح ضمائرهم تجاهه.