Wednesday, January 7, 2015


نظرة أخري إلي الفيلم الأمريكي "الجاذبية الأرضية"





رشا حسنى

Don’t let go   أدركت المقصد من هذه الجملة والتي لفتت إنتباهى بشدة عند رؤيتها مكتوبة على أفيش الفيلم قبل مشاهدته بعد إنتهاء الحالة أو بعد إنتهاء الفيلم بالفعل ففيلم Gravity هو حالة سينمائية خاصة جدا يصعُب تكرارها مع أعتي وأفضل السينمائيين على مستوى العالم وهذا ما شهد به المخرج العالمي جيمس كاميرون عند مشاهدته للفيلم بأنه "أفضل فيلم فضاء صنع على الإطلاق". 


 الفيلم يصل إلى حد الكمال في العديد من النواحي الفنية والتقنية دون تكلف أو مغالاة غير مبررة في إستخدام تلك التقنيات على الرغم من وجود أرض خصبة جدا لإستخدامها ممثلة في بيئة الفيلم أو المكان الذي تدور فيه أحداث الفيلم وهو الفضاء الخارجي بعيدا عن سطح الأرض حيث تقوم رايان ستون(ساندرا بولوك) بمساعدة رائد الفضاء المخضرم مات كوالسكى (جورج كلونى) بإصلاح عطل ما بمركبة فضائية وسرعان ما تتصاعد أحداث الفيلم بسبب حدوث تصادم غير متوقع فى الفضاء ويتحطم المكوك ويلقى طاقم المكوك حتفهم فيما عدا جورج كلوني وساندرا بولوك قبل أن يتخذ قرار الإنفصال عنها بعد نفاذ الوقود وإيثارها على نفسه لتكون هي الناجية الوحيدة من تلك المهمة ذلك الأمر الذي يتيح وبلا شك المبرر لإستخدام المؤثرات البصرية والسمعية في عرض ذلك التصادم والتواجد خارج نطاق الأرض وأيضا للتعبير عن معاناة ومحاولات الأبطال الناجيين للوصول لكوكب الأرض مرة أخرى وهو الأمر الذي تحققه بالفعل ساندرا يولوك فى النهاية.


من أجمل مواطن الإبداع في هذا الفيلم هو خروجه عن التوقعات والمألوف ،فمن غير المتوقع أن يحمل هذا الفيلم والمصنف على أنه من نوعية أفلام الخيال العلمي هذا الكم الهائل من المشاعر الإنسانية، وقد برع المخرج ألفونسو كرارون والذي شارك ولده جوناس كرارون في  كتابة السيناريو أيضا التعبير عنها بطريقة سلسلة وطبيعية جدا وقد ظهرت جليا بعض هذه المشاعر من خلال العديد من مشاهد الفيلم منها على سبيل المثال مشهد ساندرا بولوك وهى تقص على كلونى قصة إبنتها التي توفت في سن الرابعة وحينما تتذكرها أيضا عند فشلها في قيادة المكوك الفضائي الصيني مما يجعلها تقرر خفض منسوب الأكسجين والتخلي عن الرغبة في الحياة والعودة لكوكب الأرض مرة أخرى للذهاب إلى إبنتها.




 وفى مشهد أخر عندما تستمع إلى صوت رب عائلة مع عائلته وتستمع لنباح الكلاب التي يقوم بتربيتها وتتذكر أنها لن تحظى بهذا الدفء العائلي مرة أخرى وأن جسدها سيظل معلقا في الفضاء أبدا متمنية من الرجل الذي لا تعرفه الصلاة من أجلها فمن خلال هذا المشهد عرض صناع الفيلم البعد والمعنى الإنساني للجاذبية الأرضية فارتباط الإنسان بأرضه ليس فقط تطبيق لقوانين الطبيعة ولكنه أيضا إرتباطه بجذوره وماضيه وذكرياته وعلاقاته بأصدقائه وأفراد عائلته أي إرتباطه بتاريخه وتاريخ وجوده على هذه الأرض وحين حدثها كلوني عن المدينة التي تعيش فيها بهدوء والمستشفى التي تعمل بها ومتعة قيادة سيارتها في ليل مدينتها الهادئ بعد يوم عمل طويل ومتعب محفزا داخلها الأمل في النجاة والرغبة في العودة والحياة على الكوكب مرة أخرى .


نجح سيناريو Gravity منذ المشهد الإفتتاحى في خلق حالة عالية من الترقب والتشويق وذلك من خلال الدخول المباشر فئ الأحداث دون مقدمات لا طائل منها وأيضا من خلال حبكة نقلات الفيلم Turning Points وإستطاع المخرج جعل العديد من عناصر العمل الفني كالتصوير والموسيقى التصويرية أبطال حقيقيين ومؤثرين إلى جانب ساندرا والتي أبدعت في هذا الدور الذي ظهرت من خلاله في حالة ألق وتوهج لم تظهر بهما من قبل من خلال فهمها العميق لأبعاد الشخصية مما ظهر جليا في انفعالاتها وتعبيراتها المضبوطة مع كل موقف تتعرض له خصوصا فئ مشاهد تعرضها لنقص الأكسجين فأدتها وهى من أصعب المشاهد وأجهدها على الممثل وقد قامت ساندرا بتدريبات رياضية وبدنية لمدة لا تقل عن ستة أشهر فئ فترة التحضيرات للفيلم كي تستطيع أداء هذه المشاهد بشكل جيد.




  وجاءت مشاركة كلوني في هذا الفيلم ليؤكد على قاعدة أن النجومية ليست بمساحة الدور وظهور النجم على الشاشة فظل كلوني حاضرا منذ بداية الفيلم وحتى نهايته فكان حضوره قويا جدا حتى من خلال صوته فلم يتبن المشاهد حتى ملامح كلوني جيدا خلال هذا الفيلم  وظل الجمهور على أمل ظهروه ثانية بعد أن أنفصل عن ساندرا وحينما ظهر في مشهده الأخير والذي كان بمثابة الهاتف الذي جاء ليساعدها في تشغيل مركبة الفضاء الصينية من خلال حل تذكيرها بحل تقنى للمشكلة وليعود ليبث فيها الأمل كي تتمسك بالحياة لأخر فرصة  فتجدد الأمل داخل المشاهد بعودة كلوني للأحداث وهو الأمر الغير منطقي ولكن حضور كلوني وخفة ظله التي داعبت مشاعر المشاهد طغت عنده على منطقية الأحداث.


دخلت فيلم Gravity متوقعة أن أشاهد فيلم خيال علمي ملئ بالمعلومات العلمية والتقنيات المفرطة ولكن الفيلم بمنتهى البساطة هو تكريس لجملة Don’t let go  والتي تعنى الأمل أن يتمسك الإنسان بالأمل ولا يدعه يذهب فلم تنج بطلة العمل رايان ستورن أو ساندرا بولوك بالمكوك الذى إستقلته ونجحت في قيادته في نهاية أحداث الفيلم ولكنها نجت بالأمل في الحياة والعودة ويعبر مشهد النهاية بطريقة بديعة عن هذا المعنى مع وصولها الأرض عند الشروق المتمثل في الأمل في غد جديد في حياة قطعا ستكون جديدة ومختلفة فالفيلم تكريس لمعنى انه لا أحد يستطيع الحياة دون أمل في أي شئ وفى كل شئ.

No comments:

Post a Comment