Thursday, January 8, 2015

تحقيق عن سوق ومستقبل الأفلام القصيرة في مصر


سينما الأفلام القصيرة...... صرخة فى وجه ثوابت السينما السائدة

كتبت : رشا حسنى


على هامش حضورى فاعلية عرض الأفلام القصيرة التى أطلقتها مبادرة "زاوية" بسينما أوديون بوسط البلد على مدار ثلاثة أيام، لاحقتنى العديد من الأسئلة التى لم أجد لجميعها إجابات عن مثلاً هل يوجد سوق للأفلام القصيرة بمصر؟ هل يعى الجمهور المصرى تلك النوعية من الأفلام؟ ما هى أهم مهرجانات الفلام القصيرة فى مصر؟وهلى تجد إقبالا من المشاهديين العاديين؟ هل هى نوع أخر من السينما؟ والعديد من الأسئلة الأخرى التى إستوجبت العديد من المحادثات مع العديد من الأطراف المعنية بإيجاد أجوبة بل وطرح حلول فى أحيان أخرى لتلك التساؤلات كصناع الأفلام أنفسهم وما يواجههم من صعوبات فى صنع أفلامهم والطرف الموازى لصانع العمل ألا وهو الناقد لنتعرف على أراء ورؤى النقاد عن الأفلام القصيرة وموضوعاتها وأيضا الطرف الذى إتفقت معظم الأراء على أهميته بالنسبة للصناعة بشكل عام ليس فقط لسينما الأفلام القصيرة ألا وهو دور أو منافذ العرض لتلك النوعية من الفلام وغيرها من نوعيات السينما المغايرة لنوعية السينما التى تعرض تجاريا فى مصر؟.




كان من المهم أن نتوجه بكثير من تلك السئلة لأصل الموضوع وهم صناع الأفلام فعلق المخرج أحمد الغنيمى مخرج فيلم الكهف فإستهل حديثه بأن التصاريح هي أصعب شئ فى البداية ثم و طبعا الوعي الجمعي عند الشعب المصري فى الفترة الخيرة من إن كل من يقومون بالتصوير فى الشوارع هم خونة وعملاء وجواسيس.

تأتى مرحلة البحث عن الممثليين وإختيارهم فكانت صعبة أيضا نتيجة أيضاً لما هو راسخ عند كثير من الناس بأن التمثيل مهنة غير محترمة إلى جانب أنه لا يوجد مصنع حقيقى للممثلين في مصر فلا توجد أكاديمية متخصصة لتعليم الشباب أو كبار السن المهتمين بالتمثيل الأساليب والمدارس الحديثة والمختلفة لفن التمثيل.إلى جانب أن المسرح في مصر للأسف أصبح محصور في مسرح الدوله الرسمي والذى شئ مهجن من المسرح الكلاسيكي، فكل تلك الأسباب ألجأتنى إلى أصحابى وعائلتى، فظللت أبحث عن سيدة تقوم بأداء دور الأم فلم أجد فأتيت بوالدتى لأداء الدور فى فيلم الكهف.


فيما أشار الغنيمى إلى أن قصر مدة الفيلم القصير والتى تتراوح ما بين خمسة دقائق إلى 59 دقيقة، تتيح مساحة للتجريب والخيال لا تتحيها الأفلام الطويلة الملتزمة بوقت محدد وتخضع لشروط إنتاجية وتجارية مُلزمة.

وعن سؤال الغنيمى عن وجود سوق للأفلام القصيرة فى مصر قال أنه من الصعب وجود سوق لأفلام القصيرة فى مصر فى ظل عدم وعى الجمهور بوجود تلك النوعية من الأفلام أصلاًعلى إختلاف أنواعها فالأفلام القصيرة تتضمن الأفلام الروائية القصيرة ذات الطابع التجارى ومنها التجريبى ومنها التسجيلى والتسجيلى التجريبى أو الروائى التجريبى وهو ما يجعلنى أعود لعمل الأفلام القصيرة بعد أن أصنع أفلاماً طويلة وذلك لأننى أرى أنها شكل مستقل بذاته عن سينما الأفلام الطويلة.






فيما قال المخرج مصطفى يوسف مخرج فيلم اللون الأزرق، أن أهم الصعوبات التى واجهته كانت صعوبة الإنتاج أو التمويل كأى مخرج يحاول صنع فيلم مستقل أو قصير، حيث لا يوجد مصادر لتمويل تلك النوعية من الأفلام سوى ثلاث أو أربع منح على مستوى العالم العربى كله لذلك يتنافس عليها عدد كبير من شباب السينمائيين العرب من المحيط للخليج.

أما إنتاج الدولة (كالذى حدث معى فى تجربة إنتاج فيلمى من قبل المركز القومى للسينما) فهي تجربة أليمة على كل المستويات لا أريد الخوض فى تفاصيلها ولكن المحصلة النهائية هي أن إنتاج الدولة كارثي من حيث تدخله فى كل خطوات ومراحل عمل الفيلم ليس من منطلق تمكين المبدع أو مساعدته لكن من منطلق الحرص على توفير النفقات والبيروقراطية.إلى جانب أن المشكلة الأكبر هى عدم وجود أى طريقة لشراء هذه الأفلام أو عرضها فى دور العرض قبل الأفلام الطويلة والذى من الممكن أن يُوفر ولو مصدر تمويل بسيط لتلك الأفلام، كما تتعامل القنوات التلفزيونية العربية عامة والمصرية خاصة مع أفلامنا على أنها أفلام مجانية وحين تقوم بعرضها فذلك من منطلق إشهارنا وبالتالى لا تقاضينا أى مقابل مادى يّذكر.ليس هذا وفقط بل حتى المراكز الثقافية أو الجمعيات التى فى إستطاعتها أن تدفع لصناع الأفلام مقابل عرض أفلامهم يتعاملون معنا من نفس المنطلق وهو أن مجرد عرضهم لأفلامنا هو شئ لصالح الفيلم والتعريف به وليس مطلوب منهم أكثر من ذلك.


ثم أكد يوسف على أن الطامة الكبرى تكمن فى التلفزيون المصرى والذى يعتبر مؤسسة عامة (يتحكم في أدائها المجلس الأعلى لشئون الإعلام و من فوقه مجلس الشعب)، يقوم بشراء عدد إثنا عشر مسلسلاً فى رمضان تقارب ميزانية المسلسل فيهم الثمانية ملايين جنيهاًن فمن الممكن تقليص عدد المسلسلات إلى أحد عشر مسلسلاً مثلاً وتوفير ميزانية المسلسل الثامن لإنتاج وعرض الأفلام القصيرة.


فيما لخص يوسف المشكلة فى عدم وجود إرادة لدعم هذا النوع من السينما بالرغم من أهميته فى إكتشاف المواهب الجديدة من كتاب ومخرجين وممثليين، فكثير من المخرجين المعروفين على الساحة السينمائية الأن جاء معرفة الناس بهمن من خلال تجاربهم فى السينما المقصيرة والمستقلة أمثال أيتن أمين وعمرو سلامة، فالإهتمام بهذا النوع من الأفلام وإيجاد طرقاً لتمويله هى مسئولية الصناعة ككل.


فيما إختتم يوسف كلامه بأن الغريب فى الأمر هو أن قصر المدة الزمنية لهذه النوعية من الأفلام هى الأنسب لنمط الحياة الحديث بعد أن أصبح الكثير من الناس يستخدمون الموبايلات والكومبيوتر لمشاهدة الأفلام.






وقد إتفق المخرج أدهم الشريف مخرج فيلم أحد سكان المدينة مع زميله المخرج مصطفى يوسف فى أن أول الصعاب التى واجهته كانت الإنتاج وعدم وجود سوق مباشر لتلك الأفلام سوى المهرجانات، فعادة ما يعتمد المخرج لدعم فيلمه على الجهات المهتمة داخلياً وخارجياً، وذلك إلى جانب الصعوبات التنفيذية التى واجهتنى خلال تنفيذ فيلم أحد سكان المدينة بسبب صعوبة الموضوع(الفيلم يتناول صعوبة العيش فى المدينة من خلال وجهة نظر كلب من كلاب الشوارع).


ويُردف أدهم حديثه قائلاً أنه يرى الفلام القصيرة مثلها مثل الأفلام الطويلة وإن كان الفيلم الطويل خطوة مهمة جماهيريا بالنسبة للمخرج وبالرغم من ذلك فلابد أن يظل المخرج يصنع أفلاماً قصيرة طوال مشواره حتى بين الفلام الطويلة، فيما أشار الشريف بسعادته لتبنى زاوية وهى دار عرض بوسط المدينة لعرض هذا النوع من الفنون خصوصاً بعد نجاحها فى تكوين طبقة عريضة نسبياً من الجمهور وهو الأمر الذى من الممكن أن يُغير كثيراً فى نسب مشاهدة هذا النوع من الأفلام ففى رأى السينما فن جماهيرى قائم على وجود جمهور فى المقام الأول وليس صحيحاً أن الجمهور هو الذى يُحركنا بل نحن الذين نُحركه بنوعيات الأفلام التى نصنعها وبفرص العرض التى نوفرها له إلى جانب تواجد أماكن عرض متحمسة لعرض فن جديد.... تلك العوامل التى من شأنها الإرتقاء بذوق المُشاهد.









أما أيتن أمين مخرجة فيلم فيلا 69 والتى عرضت لها زاوية فى تلك الفاعلية فيلمها القصير ربيع 89 فقد أكدت أن الفلام القصيرة ليست نوعاً أخر من السينما بل إنها نوع سينما موجود منذ أن قدم محمد خان فيلمه القصير البطيخة عام 1972 قيل أن يقوم بإخراج أفلامه الطويلة وأيضاً عندما قدم سعيد مرزوق فيلمه القصير طبول مع فاتن حمامة بعد ما أخرج فيلمه الطويل زوجتى و الكلب ففى معظم الأحيان الناس يبدأ صناع الأفلام بصناعة أفلام قصيرة ولكن هذا ليس ضرورياً فهناك من أخرجوا أفلامهم الطويلة دون عمل أفلام قصيرة وهناك أيضاً من يريدون صناعة أفلام قصيرة وفقط ولقد قابلت الكثير منهم خارج مصر.


مؤكدة على أن اليوتيوب ساعد على إنتشار تلك النوعية من الأفلام وجعل مشاهدتها أسهل للكثيرين ولكن ليس سبب وجودها.مشيرةً إلى أن صناع الفلام القصيرة يتحلون بالشجاعه والجرأة فى الأفكار لأنها غير مكلفة و غير مرتبطة بالسوق فالافلام القصيرة فى الفترة الأخيرة أظهرت جيل جديد من المخرجين بدأوا يقدموا سينما مغايرة وجديدة و بفرق عمل جديدة ومختلفة عن السائد مما بدأ يُغير شكل الأفلام الطويلة لذلك فمن الممكن أن أعود لصناعة فيلم قصير بعد أن خضت تجربة الفيلم الطويل لأنى أحب أن أصنع هذا النوع من السينما ما بين كل فترة وأخرى للتحرر من شكل صناعة الفيلم التقليدى.


مؤكدة على قلة عدد المهرجانات المتخصصه فى مصر وأعربت عن أمنيتها بوجود مهرجان فى كل مدينة كى يتأثر الجمهور بتلك النوعية من الأفلام أشارت إلى أن أهم مهرجان عالمى متخصص للأفلام القصيرة هو مهرجان Clermont Ferrand فى فرنسا أما أهمها فى مصر فهو مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، وأن أهم الفلام القصيرة التى شاهدتها مؤخراً كان فيلم الكهف لأحمد الغنيمى و cairo drive لشريف القطشة.


على طريقة الناقد السينمائى الراحل أحمد صالح والذى كان يستهل عموده الأسبوعى فى جريدة الأخبار بعبارة لا أتذكرها نصاً ولكن مفادها أن "العلاقة بين الناقد والفنان كالعلاقة بين طرفى المقص كل طرف مشدود للطرف الأخر وكل طرف فى عكس إتجاه الطرف الأخر"، فكان من الضرورى معرفة أراء النقاد وإقتراحاتهم:


يستهل الناقد إيهاب التركى حديثه بأن السينما القصيرة جزء مهم من حركة السينما فى مصر ونحن بالفعل فى حاجة لتشجيع هذه السينما فى ظل حالة كساد سينمائى بشكل عام، تستطيع المؤسسات الثقافية دعم هذا النوع من السينما دون حاجة لميزانيات ضخمة وهذا سيساهم فى إكتشاف كثير من المبدعين والموهوبين.


فيما أشار أن السينما القصيرة ليست نوعاً ثانياً من السينما وذلك لأن الفيلم هو الفيلم سواءاً كان قصير أو طويل لكن الفيلم القصير بالفعل متحرر من كثير من معوقات الفيلم الطويل وأهمها سطوة المنتج ورغبته فى المكسب التجارى بالإضافة الى أنه يبتعد عن الأفكار والكلاشيهات المعروفة فى الأفلام التجارية التى يغلب عليها السطحية ويستطيع تناول موضوعات أكثر جرأة مؤكداً على أن الفيلم القصير قديم قدم السينما نفسها، بدأ على هيئة أفلام قصيرة أشهرها الأفلام القصيرة الكوميدية التى كان يقدمها شارلى شابلن وباستر كيتون ولوريل وهاردى وغيرهم قبل سيطرة الفيلم الذى يمتد لحوالى ساعتين على أن اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعى ساهمت فى إنتشار هذا النوع من السينما خلال السنوات الأخيرة لكنها ليست السبب فى ظهورها.


الإنترنت خلق نوع جديد من ساحات العرض الالكترونى سهلت على الجمهور مشاهدة هذه الأفلام وتبادلها والدعاية لها، المُشاهد على الانترنت يُشاهد أفلام مصنوعة فى بلاد بعيدة دون أن يسافر خصيصاً لمشاهدتها.


وعن سؤاله عن العلاقة بين السينما القصيرة وتيار أو نهج السينما المستقلة أجاب التركى بأن السينما القصيرة جزء منها وهناك عوامل كثيرة مشتركة بينهما أهمها الحرية الفنية وتواضع ميزانية الانتاج.

مشيراً إلى أن عدد مهرجانات الأفلام القصيرة فى مصر ليس كافياً لا ليس كافياً ..بل نحتاج للمزيد من هذه المهرجانات والأهم مزيد من الجمهور وعلى الإعلام دعم هذه الأفلام وعرضها والترويج لها على تليفزيون الدولة الذى يضم العديد من القنوات المتخصصة وإنشاء قناة لهذه النوعية من الأفلام وعلى الإعلام الخاص دعم وتمويل هذه الأفلام وتخصيص أوقات ملائمة لعرضها وعلى قاعات العرض السينمائى عرض بعضها قبل عرض الفيلم وهذا كان يحدث منذ سنوات قبل انتشار دور العرض..قنوات الأفلام الوثائقية تحظى بشعبية كبيرة فى الشبكات التليفزيونية الكبيرة فى الخارج.


وقد علق التركى على التزايد الملحوظ فى أعداد مهرجانات الأفلام القصيرة مؤخراً خاصة فى المحافظات كمهرجان نجع حمادى ورأس البر بأنه شىء رائع بالتأكيد ومنذ إنتشار الموبايل إكتشف كل شخص أن داخله سينمائى وأصبح الإهتمام بتصوير المواطن كل شىء ملفت يراه حوله ظاهرة نجدها يومياً ويجب إستثمار هذه الرغبة خاصة أن بعض الفيديوهات التلقائية المصورة تعكس موهبة أصحابها.


مضيفاً أنه هناك العديد من المهرجانات الاوربية والأمريكية المتخصصة فى إنجلترا وفرنسا وأسبانيا وأيضاً فروع المهرجات العالمية الشهيرة مثل الأوسكار وبرلين وكان التى تضم باقة من أروع وأفضل هذه الأفلام مشيراً إلى أن مهرجان الاسماعيلية هو الأكثر نشاطاً وأهمية وقد أضاف مهرجان الأسكندرية فرعاً لهذا النوع من السينما مؤخراً وخصص جائزة بإسم الراحل محمد بيومى للمبدعين فى مجال السينما الوثائقية والقصيرة، وهناك مهرجانات أخرى هامة مثل مهرجان كام الذى تنظمه الجمعية المصرية العربية للثقافة والاعلام والفنون وتنظم مؤسسات ثقافية أخرى مهرجانات لهذه السينما مثل معهد جوته.


إختتم الناقد إيهاب التركى حديثه بأن أخر الأفلام القصيرة التى شاهدها وإسترعت إنتباهه هى الفيلم المصرى الميدان للمخرجة جيهان نجيم وفيلم حروب قذرة لريتشارد راولى والفيلم اليمنى القصير كرامة بلا جدران.


بدأ الناقد محمود عبد الشكور حديثه معرباً عن سعادته البالغة بوجود هذا النوع من السينما فى مصر حيث يعتبر وسيلة ممتازة لإكتشاف مواهب وقدرات فنية فى الجيل الجديد، وهو فن صعب يحتاج إلى كثير من التكثيف والإهتمام، بالمناسبة، ستديو مصر فى بدايته كان يقدم أيضاً الفيلم الروائى أو التسجيلى القصير، ومن خلاله قدم صلاح أبو سيف مثلاً فيلمه القصير الأول نمرة 6 بطولة إسماعيل ياسين.

مضيفاً أن تلك النوعية من الأفلام تعتبرنافذة عظيمة لتجارب مختلفة وجريئة شكلاً ومضموناً، فهذا الجيل منفتح على العالم ومتابع للسينما العالمية، وبالتأكيد فإن لديه حرية أكبر فى التعبير بعيدا عن قيود السوق، ومشكلات الرقابة، إنه نوع من الإبداع الذاتى الحر الذى أتاحته ثورة تكنولوجيا التصوير والمونتاج الرقمية، فقد ساهم اليوتيوب بالطبع فى إيجاد منفذ للعرض لم يكن يحلم به أحد، عملياً أصبح من المستحيل تقريبا منع أى فيلم، ولكن العرض وحده لايكفى، لأن سهولة العرض جعل هناك زحاماً كبيراً، سيكون على الأفضل أن يشق طريقه بصعوبة وسط هذه السهولة المتاحة، وفى النهاية لن يبق سوى الأفضل.


فيما إعتبر عبد الشكور أن الأفلام القصيرة هى فعلاً شكل من أشكال السينما المستقلة، لاشك أن تجارب أصحاب هذه السينما مثل البطوط وآخرين شجعت أجيالاً جديدة على الدخول والتجريب، ولكن يظل دوماً البقاء للأفضل والأكثر قدرة وأصالة فنية.


وقد إتفق عبد الشكور مع الناقد إيهاب التركى فى أن عدد مهرجانات الأفلام القصيرة فى مصرلا تكفى، لذلك طالبت فى مقالات منشورة بوجدود قنوات متخصصة لعرض وتسويق هذه الأعمال والإستفادة منها، لابد من التعاون لتحقيق هذه الفكرة الرائعة ومردودها سيكون كبيرا تجارياً وفنياً، المهم الدراسة وتكاتف كل الجهات التى تنتج مثل تلك الأفلام سواء مستقلة فردية أو من خلال المركز القومى للسينما أو حتى مشاريع التخرد لمعهد السينما التى تضم كنوزاً تستحق العرض والتسويق لكبار المخرجين الذى أنتجهم معهد السينما.فأنا مع كل مهرجان إقليمى يصل الى الجمهور فى مكانه بشرط أن تتوفر فيها الحدود الدُنيا من الجدية، ففى المغرب يهتمون تقريباً بإقامة مهرجان فى كل مدينة بدعم من الدولة، يمكن أن نفعل ذلك ولكن يتخطيط وتنسيق.

مضيفاً أنه يتابع بشكل خاص الأفلام القصيرة التى تصل إلى قوائم الأوسكار، ويهتم جداً برؤيتها كالروائية الطويلة سواءً بسواءً، وقد استمتعت فعلاً بمشاهدة فيلم هيليوم الفائز بأوسكار أفضل فيلم روائى قصير لهذا العام، كما أتابع الأفلام الفائزة فى مسابقة المهرجان القومى للسينما فى مسابقة الأفلام القصيرة لأهميتها البالغة.


مؤكداً على أهمية أن تُعرض الأفلام القصيرة فى المراكز الثقافية، مع إمكانية عرضها قبل الأفلام الروائية الطويلة، فهكذا كان يفعل الراحل رفيق الصبان فى عروض الثلاثاء فى دار الأوبرا، أما آخر فيلم قصير هام شاهدته فهو فيلم حواس للراحل محمد رمضان حيث كتبت عنه دراسة طويلة تفصيلية نُشرت فى كتاب طبعه المخرج أحمد رشوان عن أعمال صديقه الراحل .


فيما أكدت الناقدة ماجدة خير الله على أن العالم كله يحترم الأنواع المختلفه من الأفلام ويطرحها للتسابق من خلال المهرجانات العالميه، ولكن للأسف مصر دائماً تتأخر فى الإهتمام بكل شىء وقد ظهر الإهتمام بالأفلام القصيره كنوع من التنفيس لأجيال متلاحقة من خريجى معاهد السينما وأصحاب المواهب التى لا يجد أصحابها فرصاً لتقديم أفلام طويلة، وخاصة أن الطالب فى معهد السينما يُقدم مشروعه فى إطار الفيلم القصير الذى يكون أحياناُ أكثر حرفية من أفلام تجارية طويلة لأنه يتحرر من سيطرة فكر المنتج أوالنجم، تعد التكلفة القليلة نوعاً ما لهذه الأفلام هو ما دفع كثير من الشباب لتقديم هذه النوعية.


أما عن المهرجانات فأنا أحترم تجربة مهرجان الإسماعيليه الذى يهتم بالسينما القصيره بأنواعها سواءً تسجيليه أو روائية. العالم يعرض الفيلم القصير فى قنوات السينما المتخصصة لكن نحن فى مصر للأسف بعيدين تماماً عن هذا التفكير وأعتقد أنه آن الأوان أن نفكر بشكل مختلف وأن تُعرض الأفلام القصيره المُتميزه على شاشه قناة النيل للسينما مثلاً او القناة الثقافية كفرصة لإكتشاف الموهوبين من المخرجين وكتاب السيناريو ومديرى التصوير والمونتيرين.


أما الناقد السينمائى أحمد شوقى وهو أيضاً أحد منسقى مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة فقد أكد على ضرورة تلك النوعية من الأفلام كأي نوع آخر من الأفلام، من باب التنوع أولاً، فأنا مع وجود كل أشكال الأفلام: الفنية والجماهيرية، القصيرة والطويلة، الروائية والتسجيلية، هذا التنوع هو ما يخلق ذوق سينمائي حقيقي ومُشاهد قادر على الفرز، ثانياً فالأفلام القصيرة فن مستقل يمتلك تقنيات سرد وتصوير وتسويق مختلفة تواجدها ضروري، من جهة لأنها تمنح مساحة أكبر للموهوبين في التواجد وإبراز ما يمتلكونه، ومن جهة ثانية لأنها كما قلت فن مستقل، ووجود الرواية لا ينفي أهمية القصة القصيرة، فهما وإن تشابها في الوسيط، هما في النهاية شكلين مختلفين للإبداع.


فيما إعتبر شوقى أن إعتبار الفلام القصيرة نوع أخر من السينما هو سبب رئيسي لمشكلة الأفلام القصيرة المصرية، فنسبة كبيرة من صناعها يتعاملون معها كرد فعل وليس كفعل، لا أملك صناعة فيلم طويل فأصنع فيلماً قصيراً، لا يمكنني طرح هذه الفكرة أو القضية في السوق فأقوم بطرحها خارجه. هذا الفهم يقلل تلقائياً من أهمية الفيلم القصير، ويجعله مجرد (متنفس) لا أكثر، هذا فهم كان مقبولاً عندما بدأ التيار قبل خمسة عشر عاماً، ولكنه حالياً مُكبل جداً للطموح، والطموح هو إيجاد سوق موازي، صناعة حقيقية سقف حريتها بالطبع أعلى من سقف السوق التقليدي، لكنه بالأساس سوق فني وليس فكري، فالقضايا الجريئة يمكن طرحها في فيلم قصير أو في رواية أو مقال، أما الفيلم الجيد فهو أمر مختلف.


مؤكداً على أن صناعة الأفلام القصيرة بدأت وإنتشرت في مصر قبل إطلاق اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعي من الأساس، وكان نتيجة لتزايد عدد الراغبين في صناعة الأفلام وظهور تقنيات ومعدات تصوير تسهل عليهم تحقيق رغبتهم خارج السياق التقليدي الذي يصعب إختراقه.


ظهور المواقع المذكورة لاحقاً قد يكون وسيلة لترويج المنتج النهائي، لكنه بالمناسبة لا يزال وسيلة محدودة التأثير لأن الكثير من صناع الأفلام ـ وأنا منهم ـ لا يفضلون عرض أعمالهم عليه، لأسباب تتراوح بين رفض المهرجانات للأفلام المعروضة إلكترونياً، وبين رفض الفكرة من الأساس، فالفيلم يعرض على شاشة عرض ويأتي المُشاهد ليراه، لا يوضع على الإنترنت لتسول المشاهدة.


وقد علق شوقى على إذا ما كان عدد مهرجانت الأفلام القصيرة كافياً لتعريف الجمهور بها بأن هناك تزايد مستمر في الرقمين: عدد الأفلام القصيرة المُنتجة سنوياً وعدد منافذ العرض الخاصة بها، سواءً في المهرجانات السينمائية أو العروض الخاصة أو أي نافذة مغايرة كقاعة عرض زاوية.


ولكن يبقى معدل زيادة الإنتاج أكبر بكثير مما تستوعبه منافذ العرض، حتى إن النسبة الأكبر ـرقمياـ من الأفلام المنتجة لا تجد حرفيا شاشة تُعرض عليها. صحيح أن نسبة كبيرة من هذه الأفلام مجرد تجارب هواة بعضها غير صالح للعرض من الأساس، وأن الفيلم الجيد غالباً ما يتمكن من فرض نفسه وإيجاد مساحات كثيرة للعرض داخل مصر وخارجها، ولكن يبقى معدل زيادة المنافذ بطيئا، يحتاج للمزيد من الجهود حتى يصبح بإمكاننا أن نعتبره تحرك إيجابي حقيقي ومثمر.


وقد علق شوقى على التزايد الملحوظ فى عدد المهرجانات الإقليمية بأن بعض المحافظات لا يوجد بها دار عرض واحدة من الأساس، ورأيي مزيج من الإيمان بضرورة الإنتشار الأفقي والقناعة بأن هذا الإنتشار إن لم يتم على أسس سليمة فستكون نتيجته عكسية. بمعنى أنني بصورة مجردة أشجع إقامة مهرجانات في رأس البر وبلطيم والزقازيق والفيوم وكل مدينة في مصر، ولكن إذا نظرت لكل مهرجان من المذكورين بشكل أكثر دقة فسأرصد عدد هائل من المشكلات التي تتعلق بفهم المنظمين للسينما ومستوى إختياراتهم للأفلام المعروضة، وببساطة مهرجان في رأس البر هي فكرة ذكية وواعدة، لكن لو عرض هذا المهرجان أفلام رديئة ضعيفة المستوى، فإن النتيجة ستكون عكسية تماما على أبناء هذا الإقليم.


وعن سؤاله عن أهم مهرجان مصرى للأفلام القصيرة والتسجيلية قال شوقى أنه و بحكم التاريخ والأهمية وقيمة الجوائز والسمعة الدولية يعتبر مهرجان الإسماعيلية هو مهرجان الأفلام التسجيلية والقصيرة الأهم ليس فقط في مصر ولكن في المنطقة العربية كلها. ثم أضاف شوقى أن الأفلام القصيرة في مصر مشروع تجاري فاشل وهي مشكلة ضخمة تقلل من سقف الطموح وتجعل الجميع يتعامل مع عملية الصناعة بشكل منقوص.


الأصل في الأمر هو العمل على إيجاد سوق يجعل صناعة فيلم قصير مشروع قد يدر الربح، وليس مجرد عمل تطوعي لأغراض فنية بحتة. وإذا قمتى بزيارة سوق الفيلم الأوروبي القصير في كليرمون فيران على سبيل المثال، سيصدمك حقيقة وجود صناعة كاملة لا نعرف عنها شيئاً، الأفلام القصيرة هناك لها موزعيها المتخصصين وقاعات عرضها وقنوات التلفزيون التي تشتريها بمبالغ كبيرة.


كل هذا غير موجود لدينا، وربما تكون أقرب خطوة يمكن تحقيقها هي وجود محطة تلفزيونية مهتمة بشراء الأفلام القصيرة وعرضها.وعن سؤاله عن أهم فيلم قصير شاهده مؤخراً قال شاهدت خلال 2014 أكثر من تسعمائة فيلم قصير وتسجيلي، بين مشاهدات في عدة مهرجانات ومشاهدات لإختيار برنامج مهرجان الإسماعيلية، وعدد الأفلام الجيدة فيها كبير جدا بصورة يصعب حصرها.


ثم تأتى وجهة النظر والتى إتفق كلاً من صناع الأفلام والنقاد على أهميتها ألا وهى منافذ العرض وإن كانت تتميز دار العرض التى تحدثنا مع منسقتها بأنها هى فى حد ذاتها تجربة مختلفة ومغايرة عن دور العرض التقليدية فى مصر ومن هذا المنطلق بدأت عاليا أيمن إحدى منسقى دار عرض ومبادرة زاوية بأن زاوية كفكرة هى مساحة لعرض الأفلام التى لا تأخذ مساحتها للعرض فى مصر ليس لردائة هذه الأفلام ولكن بسبب الحال العام للسوق ومنها الفلام القصيرة ففرص عرضها ضعيفة جدا ولذلك قررنا أن توجد زاوية مساحة لعرض تلك الأفلام.


ثم أجابت عاليا عما إذا كانوا متوقعين حجم الإقبال على ذلك النوع من الأفلام بأنهم كانواعلى علم بأن تلك الأفلام لها جمهورها المتزايد ولكنهم لم يكونوا يتوقعوا ذلك الحجم من الإقبال وحرص الناس على حضور الثلاثة أيام كاملة على جانب حرصهم على حضور المناقشات بعد إنتهاء برنامج العرض اليومى وطرحهم للأسئلة على صناع الأفلام، لذلك تبنت زاوية خطة فرد تلك المساحة كل شهرين أو ثلاثة أشهر وذلك بعد إنتهاء شهر رمضان.


وعن كيفية إختيار الأفلام التى تم عرضها قالت عاليا أن عملية الإختيار جاءت بشكل غير تقليدى فلم نكون لجان مشاهدة بالمعنى المعروف ولكن كان هناك مثلاً أفلام مُتفق على مستواها وجودتها كالأفلام التى عُرضت فى أول يوم نظراً لكم الجوائز التى حصدتها تلك الفلام محلياً ودولياً وهناك أفلام كان عرضها الأول من خلال تلك الفعالية كفيلم أستاذ حمام مثلاً.


ثم أكدت على أنه ليس فى مصر سوق حقيقى للأفلام القصيرة فكل ما تجنيه تلك الفلام هو قيمة الجوائز التى تحصل عليها فى المهرجانات فلا توجد فى مصر سياسة Screening Fees مثلاً كما هو مُتبع فى أوربا، ولكن عند إنتشار تلك الأفلام وإعتبارها جزءاً من الثقافة السينمائية سيصبح الفيلم مُكتمل ومستقل بذاته وليس محطة على طريق الفيلم الطويل.


وعن أفكارها لخلق سوق للأفلام القصيرة فى مصر إقترحت أن يُعرض فيلم قصير قبل الفيلم الطويل بدور العرض وأيضاً أن يُقبل كبار النجوم والممثليين على العمل فى تلك الأفلام لجذب الجمهور لها كما يفعل نجوم هوليود فكثير منهم لايزالون بأداء أدواراً صغيرة فى أفلام قصيرة، فهذه الفلام ليست نوعاً أخر من السينما تماماً كالقصة القصيرة فهى فقط تختلف فى الشكل عن الرواية ولكنها ليست نوع أخر من الأدب،فالفيلم القصير هو شكل أخر مختلف عن الفيلم الطويلمن حيث الوقت ولكن تقنيات عمل الفيلم واحدة.


وعن سؤالها عن أهم مهرجانات الأفلام القصيرة فى مصر فقالت عاليا أن أهمها على الإطلاق مهرجان الإسماعيلية خصوصاُ بعد تولى المنتج محمد حفظى منصب مديره الفنى وأيضاً مهرجان قبيلة للأفلام القصيرة إلى جانب عروض المراكز الثقافية وقالت أن أهم فيلم قصير شاهدته وأُعجبت به ولازالت تتذكره رغم إنتاجه عام 2012 هو فيلم حدوته من صاج للمخرجة عائدة الكاشف.




من خلال ما سبق فمن الواضح أن تدعيم الأفلام القصيرة وخلق مساحة عرض وسوق محلى لها ليس بالأمر المستحيل ولكنه يصبح أمر من السهل تحقيقه فقط عندما تتوافر الإرادة لخلق تلك الفرص من جميع أطراف الصناعة والمنظومة السينمائية.

No comments:

Post a Comment